تجدد الاشتباكات في طرابلس والبقاع وشارع الحمرا.. وهدوء حذر في جبل لبنان

عواصم - وكالات الأنباء ١٣/٥/٢٠٠٨
خيم الهدوء المشوب بالحذر علي مناطق جبل لبنان الدرزية أمس، بعدما شهدت قتالا شرسا بين عناصر جماعة حزب الله الشيعية المعارضة للحكومة اللبنانية، وأتباع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط المناهض لسوريا، لاسيما في جبال الشوف، مسقط رأس الأخير، وهو ما رفع عدد القتلي علي مستوي البلاد إلي ٥٣ والمصابين إلي نحو ١٥٠، في حين تحدثت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن تجدد الاشتباكات في منطقة سهل البقاع، بالقرب من المنقطة الحدودية الفاصلة بين سوريا ولبنان، والتي استخدمت فيها قذائف «آر بي جي»، وذلك حال ترقب سياسي لوصول الوفد العربي الذي قرر الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب إيفاده إلي بيروت أمس الأول لحل الأزمة.

وصرحت مصادر عسكرية بالجيش اللبناني بأنه تم تطبيق وقف إطلاق النار، وبأن الجيش أقام نقاط تفتيش في منطقة الاشتباكات في الجبال، التي يسيطر عليها أنصار جنبلاط، جنوب شرق العاصمة بيروت، كما دخلت طوابير من دبابات الجيش قرية الشويفات لتعيد إليها الهدوء، في أعقاب سقوط ٣٦ قتيلا والعديد من الجرحي.

وخاضت العناصر المتناحرة قتالا عنيفا لكن متقطعا بالمدافع الرشاشة والهاون لمدة حوالي ٥ ساعات، كما استخدمت المدفعية في القتال وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من القري والوديان القريبة، وهو ما دفع جنبلاط إلي الظهور مرتين علي شاشات التليفزيون لدعوة أنصاره إلي ضبط النفس، ولدعوة حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، بأن يبعد الطائفة الدرزية عن أي تسوية شخصية للخلافات السياسة بينهما.

ووفقا لأهالي منطقة الشويفات الدرزية، فإن الاشتباكات اندلعت عندما حاول مسلحو حزب الله التسلل إلي مناطقهم، وقال عفت زيدان «المناطق الدرزية لا تقع داخل إسرائيل، إننا لسنا أعداءهم وساندناهم علي مدي سنوات في قتالهم لتحرير جنوب لبنان من الاحتلال، هذا أمر فظيع»، وكان سكان المنطقة يختبئون في ملاجئ تجنبا للشظايا التي كانت تسقط في كل مكان.

وفي غضون ذلك، تجددت الاشتباكات العنيفة أمس بين أنصار الأكثرية والمعارضة عند المدخل الشمالي لمدينة طرابلس شمال لبنان، مما أسفر عن مقتل شخص برصاصة طائشة وإصابة ٤ آخرين، بعد تراجع الجيش إلي مواقع خلفية، كما أفاد مصدر أمني، موضحا أن مواجهات اندلعت في منطقتي باب التبانة ومنطقة القبة، حيث غالبية السكان من السنة ومنطقة بعل محسن ذات الغالبية العلوية، وكان الجيش انتشر أمس الأول في المنطقة بعد اشتباكات أسفرت عن مقتل امرأة وإصابة ٥ آخرين.

ومن جهة أخري، طالب رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل، الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، بأن يتعهد علنيا بعدم العودة لاستخدام السلاح في الداخل كمقدمة للدخول في حوار غير مشروط، كما طالب الجميل، نصر الله أن يتعهد مسبقا وشخصيا أمام الرأي العام العربي والدولي الإسلامي والمسيحي وأمام كل الدول بما فيها إيران وسوريا والسعودية، ألا يستعمل السلاح مجددا في الصراع الداخلي لتغيير المعادلات السياسية.

وساد الهدوء في بيروت باستثناء مواجهات اندلعت بين مسلحين من أنصار الحزب القومي السوري، الموالي للمعارضة، ضد أعضاء من تيار المستقبل، بزعامة رئيس الأكثرية سعد الحريري، في شارع الحمرا، وذلك في وقت ما زال فيه مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، المنفذ الجوي الوحيد للبلاد، وكذلك مرفأ العاصمة، مغلقين، حيث يسيطر مقاتلو حزب الله علي الطرقات المؤدية له والتي لا تزال مليئة بالحواجز رغم انتشار الجيش اللبناني في بيروت. وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة «السفير» اللبنانية أن قيادة الجيش أرسلت مذكرة خطية إلي كل من مديرية الجمارك والمديرية العامة للأمن العام لإرسال موظفين إلي مطار «القليعات» العسكري، شمالي لبنان، تمهيدا لفتحه خلال ٢٤ ساعة.

ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها إن مطار القليعات سيفتح فقط لتأمين هبوط طائرات عسكرية عربية أو أجنبية، لإجلاء رعايا بلدان عربية وأجنبية فقط - حيث أفادت الأنباء بمقتل أسترالي خلال الاشتباكات - وليس بغرض استخدامه في أي اتجاهات أخري، مضيفة أن الوفد الوزاري العربي ربما يستخدم هذا المطار أو مطار بيروت نفسه، حيث اتخذت إجراءات لتأمين استقباله، علي حد قول المصادر.

سياسيا، وبينما شدد جنبلاط في تصريحات صحفية علي تأييده للحوار لتجنيب المنطقة الدمار، أكد رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة أن الوضع الراهن زائل ولا يمكن أن يستمر، في إشارة إلي سيطرة قوات حزب الله علي غرب بيروت، وجاء ذلك وسط جهود عربية ودولية حثيثة لإخراج لبنان من الأزمة، إذ أكد العاهلان الأردني الملك عبد الله الثاني والسعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز دعمهما للجهود الرامية لحل الخلافات المتفاقمة، كما أكدا «ضرورة الاحتكام للحوار».

في الوقت نفسه، ذكرت صحيفة «السفير» أن اجتماعا هاتفيا متلفزا سيعقد بين وزراء خارجية مجموعة «أصدقاء لبنان» برئاسة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس، من أجل تبادل التحليل لتطورات الأحداث في لبنان، ونقلت عن مصدر دبلوماسي فرنسي قوله إنه لا أحد يفكر في إجراءات رادعة أو قرارات جديدة إزاء نتائج الانقلاب الاستراتيجي في ميزان القوي الذي يشهده لبنان، لكنه أضاف «إننا نملك أوراقا جديدة وننتظر تبلور الموقف العربي لمعرفة ما إذا كان ضروريا أو ممكنا الانخراط في عمل ما عبر مجلس الأمن».

وعلي صعيد إسرائيل، رفع الجيش حالة التأهب رغم تقليل مسؤولي الأمن الاستراتيجي من شأن مخاوف تجدد الاشتباكات مع حزب الله، وأكدت مصادر وجود حالة تأهب مخابراتية، تحسبا لاستغلال حزب الله لسيطرته علي البلاد في الوقت الحالي في الدخول مع إسرائيل في نزاع مسلح جديد، جنوب نهر الليطاني.

وفي القاهرة، عبرت الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) عن تأييدها غير المشروط لحركة المقاومة الوطنية والإسلامية بكافة فصائلها وتياراتها في لبنان، وعن إدانتها لكافة التدخلات الأمريكية والغربية ولبعض الأنظمة العربية المؤيدة لإسرائيل، وفي الوقت نفسه أكدت الحركة حرصها علي وحدة الأراضي اللبنانية.