عرباوي المدير العام
عدد الرسائل : 22555 تاريخ الميلاد : 06/02/1980 العمر : 44 نقاط : 58126 تاريخ التسجيل : 21/09/2008
| موضوع: مقالة أعجبتني: أمريكا تبحث عن عدو وهمي!!! الخميس 25 سبتمبر 2008, 11:29 pm | |
| في الذكرى السابعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة, وطوال السنوات الماضية, شهدت المنطقة متغيراتٍ عدةً, كان أبرزها الحرب على ما يسمى الإرهاب, وغزو أفغانستان والعراق, إلى غيرها مما حملته تداعيات الأحداث الشهيرة. وعلى الرغم من مرور 7 سنوات على أحداث سبتمبر, فإن أمريكا لا تزال تبحث عن العدو الوهمي لبسط نفوذها العسكري على العالم بدعوى محاربة ما يسمى الإرهاب. إلا أن هذه القوة لا تعني بحال تشكيل الإمبراطورية الأمريكية, خاصة وأن ذلك يأتي بهدف بسط الغطرسة، وإن كان ذلك ليس عُنْوَانًا على الفاعلية، ولكنه عنوانٌ على الفشل، وهو ما ينعكس على أمنها الداخلي. وتُؤَكِّدُ كافة الدلائل على فشل الإدارة الأمريكية في تحقيق أهدافها، وأنّ الحرب على ما يسمى الإرهاب قد فشلت؛ لأنها أوجدت عدوًّا وهميًّا، وقامت بمحاربته، وتحت مُسَمَّى "محاربة الإرهاب" رفعت الإدارة الأمريكية شعارًا أسمته "الحرب العالمية على الإرهاب"، بدعوى أنها تحرص على تنفيذ مصالحها الكونية! ويمكن القول: إن إدارة حَرْبٍ عالميةٍ لمواجهة الإرهاب هو قولٌ يعكس حالةً من جنون القوة التي تعمل الولايات المتحدة على بسطها وسيطرتها في دول العالم، وكان من نتيجة ذلك أن أصبحت بعض الدول العربية مستباحةً أمام التدخل الأمريكي في مختلف القضايا الداخلية. ومن ذلك أيضا ضغط الإدارة الأمريكية على هذه الدول للاشتراك معها في الحرب على ما يسمى بالإرهاب, حتى أصبحت الأوضاع داخل الدول أقلَّ استقرارًا عما كانت عليه قبل أحداث 11 سبتمبر. والناظر إلى ما بعد الأحداث الشهيرة , يرى وجود بوادر حرب أهلية في كثير من الدول العربية والإسلامية على نحو ما يحدث في إقليم وزيرستان بباكستان، وكذلك في اليمن، والتدخلات الخارجية في الشئون المصرية باللعب على ورقة النصارى, ومشكلة دارفور في السودان. كل ذلك يؤكد أن الأمور في كثير من البلاد العربية والإسلامية, بل ودول العالم، لم تَعُدْ مستقرة، كما لوحظ أن الدول التي لا ناقة لها ولا جمل في الحرب على ما يُسَمَّى بالإرهاب - حسب المفهوم الأمريكي - استُخْدِمَتْ هي ذاتها في تسيير هذه الحرب، والمساهمة فيها, الأمر الذي ساهم في إِحْدَاثِ الحرب الأهلية بين كثيرٍ من الدول, كما ذكرت. يأتي ذلك , في الوقت الذي ينظر فيه بعض المحللين إلى أهمية الحل السياسي، والذي يعتبرونه أَفْضَلَ الطُّرُقِ لعلاج كثير من المشكلات المتعلقة في مواجهة ما يُسَمَّى بالإرهاب داخل الدول العربية والإسلامية, دون اللجوء إلى الخيار العسكري.
بيت الطاعة
والواقع , فإن الأحداث الشهيرة أيقظتِ الولايات المتحدة من جديد, حينما انتُهِكَ أَمْنُهَا، وأصبح على الجميع ألَّا يشعروا بالأمن, ما دامت أمريكا نفسُهَا لا تتمتع به, بل وأصبح على الجميع ضرورة الدفاع عن أمن الولايات المتحدة كجزءٍ من فرض سياسةٍ كونية، باعتبارها القطب المتفرد! ولذلك كانت التدخلات العسكرية الأمريكية في بعض الدول بدعوى محاربة ما يسمى الإرهاب , حتى أصبحت هذه الحرب حربًا غير محدودة، لا تختص بدولةٍ معينة, ولذلك بَدَا الهدفُ هو البحث عن عدو مجهول وغير محدد، يكاد يكون هُلَامِيًّا، وذلك نتيجةً لاختلاط مفهوم الإرهاب عند الولايات المتحدة مع مَن يعارض سياسَتَها, خاصةً وأنّ كُلَّ من يعترض على قراراتها فهو ضدها! ومن هذا المفهوم انطلقت الحرب في العراق وأفغانستان، حتى إن المقاومة المشروعة في العراق وفلسطين تم وَصْمَها بالإرهاب, فضلًا عن تدخل أمريكا بنفسها للقيام ببعض العمليات في بعض الدول, كما حدث في اليمن حينما استهدفت عناصر لتنظيم القاعدة, ما يجعلنا نُؤَكِّدُ أننا أمام حالة شاذة في التاريخ؛ حالةِ دولةٍ صَنَعَتْ لنفسها عدوًّا غير معلوم! كما أن هذه الدولة ذاتها حَرَصَتْ على استهدافِ وإبادةِ كُلِّ مَنْ يقف حَجَر عَثْرَةٍ أمام مصالحها, واعتبرته عدوًّا لها، وعلى هذا الأساس حاربته. ولذلك فكون خيار الحرب يتجه إلى إيران أو سوريا أو أية دولة أخرى يعود إلى ترتيباتٍ تُحَدِّدُها أيضا الولايات المتحدة؛ لأنها يمكن أن تفتح ملفًّا، وتزيده اشتعالًا، مقابل غَضِّ الطرف عن ملفات أخرى, ما يُشِيرُ إلى أنّنا أمام حُزْمَة من السياسات الأمريكية تستهدف تركيع كثيرٍ من الدول، ومحاولة إدخالها بيت الطاعة الأمريكي, وهو ما يرتبط بالانتخابات المرتقبة في قمة هرم الإدارة الأمريكية. كما أن إدارة اليمين المتطرف في الولايات المتحدة تسعى إلى جَعْلِ الفاعلية قرينةَ الرضا، ولذلك فهي تُقَدِّم معوناتٍ شكليةً إلى بعض الدول, ما يجعل هذه الدول تتقي الشر الأمريكي..وكل هذا يزيد من صعوبة تحديد الضربة العسكرية القادمة؛ إذ لا يمكن الجزمُ بتوجيهِ حَرْبٍ عسكرية جديدة، أو عدم توجيهها؛ لأن ذلك مُرْتَبِطٌ بترتيبات أمريكية بالدرجة الأولى.
وهم الإمبراطورية
وفي المقابل, لا يذهب جُلُّ المحللين العسكريين إلى أن هذا التفوق العسكري للولايات المتحدة قد يكون بهدف إقامة الإمبراطورية الأمريكية, كما يرى الفيلسوف الفرنسي المسلم "روجيه جارودي", "إذ إن الولايات المتحدة تسعى إلى رسم وفرض سياسة القوة على المعمورة"! ولذلك فإن الحديث عن إقامة إمبراطورية أمريكية حديثٌ ظالِمٌ في الحقيقة؛ لأنّ هناك إغراءاتٍ بغطرسة القوة، ولأن محاولة بسط الإمبراطورية لا بد وأن تكون له جوانب المساواة وفرض العدل, وهو ما يُعَدُّ تمييزا لهذه الإمبراطورية, وليس الكيل بمكيالين، وإن كان هذا غير موجود؛ لأن الولايات المتحدة تكيل حاليا بمائة مكيال! ولذلك يظهر الخطاب الأمريكي خطابًا إقصائيًّا، فعلى الرغم من نشر الولايات المتحدة لقواتها في قرابة 250 دولة في العالم, فإن ذلك ليس عنوانًا على الفاعلية، ولكنه عنوانٌ على الفشل؛ لأنها إذا كانت تهدف إلى التوسع خارجيًّا فإنها تفشل في تحقيق أمنها في الداخل, وهذا ما حدث في 11 سبتمبر, عندما لم يتحرك الجيش الأمريكي أثناء وقوع الهجمات لمدة (50) دقيقة، وقد كان من الممكن أن تشهد الولايات المتحدة تحولات كبرى خلال هذه المدة. ومع وجود الجيش في الخارج، فإن الإدارة الأمريكية تسعى إلى تكريس مفهوم التعالي على الآخرين بالسطوة العسكرية، ولذلك أُصِيبَتْ هذه القوة بالهشاشة, خاصةً وأن الأمر إذا اتسع ضاق! ولذلك , فإن وضع قوات في القرن الإفريقي، والمغرب العربي، والفلبين، وكوريا الجنوبية، وأفغانستان، والجمهوريات الإسلامية، والعراق, إلى غير ذلك، هو شكلٌ من أشكال "الهرج" العسكري , والخطأ الاستراتيجي، ودليل على الضعف، وليس القوة, وَفْق المحللين وخبراء الاستراتيجيات.
اليمين المتطرف
ومن هنا , أصبحنا أمام عقيدةٍ تتعلق بما يسمى بالحروب الاستباقية، أو حروب النوايا، وهي كلها تُرَّهَاتٌ يستخدم فيها اليمين الديني في الولايات المتحدة الأمريكية المصطلحات الدينية لتأكيد أهدافه. وأخيرًا .. تبقى الإشارة إلى تأثير الأحداث على الجاليات العربية والإسلامية؛ حيث يرى كثيرون أنها انعكست عليهم بشكل كبير, وأنه في الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة على جرجرة أوروبا للدخول في مسائل خطيرة، فإنها تريد في المقابل أن تُمْسِكَ العصا من المنتصف، والسعي إلى تعبئة الجميع ضد الإسلام, خاصةً مع صعود أحزاب دينية في أوروبا، وترشيح الإسلام لكي يَحْتَلَّ المرتبة الثانية في أوروبا خلال العام 2010. وليس مُسْتَبْعَدًا أن يكون الدينَ الأولَ بعد ذلك، ومن هنا فإن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى توزيع الأدوار على الدول الأوروبية, بحيث يكون لها زِمام الأمر، وتعمل على تشويه صورة المسلمين من خلال تعبئة الرأي العام الأوروبي، وبداخل أمريكا نفسها, ضِدّ ما يُسَمَّى بالإرهاب، في الوقت الذي يتم غَضُّ الطرف فيه عن ممارسات "إسرائيل" في الأراضي المحتلة. وهذا كله يعتبره كثيرون دليلًا على الضعف الأمريكي، ولذلك فإن الولايات المتحدة , يبدو أنها قد أخذت درسًا من العراق، وأنها ستتوقف فيما بَعْدُ عند محاولتها لتوسيع نطاق الحرب العسكرية في دول مجاورة لبلاد الرافدين , أو أي دول أخرى عربية وإسلامية.
المصدر: الإسلام اليوم | |
|