يعتبر الرجل مسؤولا عن عدم الإنجاب بنسبة يُقدرها الطب ب 40 % وهي
مساوية لنسبة المرأة. وللوراثة تأثير في خصوبة الرجل وفي تعداد الحيوانات
المنوية لديه، لكن العلماء يعتقدون أن العوامل البيئية لها أيضاً تأثير.
والملاحظ في السنوات الأخيرة أن نسبة كبيرة من الرجال في أنحاء العالم
يتعرضون إلى تناقص مطرد في عدد الحيوانات المنوية.
وأثبتت عدة دراسات أجريت على فترات متباعدة وفي أنحاء متفرقة من العالم
إن معدل الإخصاب عند الرجال في تناقص مستمر ومن هذه الأبحاث دراسة قام بها
باحثون من أبردين في اسكوتلاندا وقادها الدكتور باتا شاريا على 16 ألف عينة
للسائل المنوي أخذت من 7500 رجل أظهرت تراجعاً لعدد الحيوانات المنوية
بنسبة 29٪ من 87 مليون نطفة لكل مليلتر في عام 1989م إلى 62 مليوناً في عام
2002. وهذا مااشارت اليه دراسة سابقة نشرت في المجلة الطبية البريطانية
قام بها الدكتور كارلسن وزملاؤه في سنة 1992م بعد مراجعة نتائج 15,000 رجل
والتي أظهرت انخفاضاً في الانطاف بنسبة حوالي 50٪ (من 113 مليون في
المليلتر الواحد عام 1938 م الى 66 مليون في المليلتر عام 1990) أي في غضون
خمسين سنة ماضية.
هذه الدراسات وغيرها قادت إلى جدل طبي كبير بين المختصين والمهتمين
بأمراض الذكورة والطب التناسلي بين مؤيد ومعارض لدلالة النتائج. ومن
الانتقادات التي وجهت لتلك الدراسات أنها لم تتقيد بالأسس العلمية
للإحصاءات الحيوية، وقد دفعت تلك الانتقادات العديد من العلماء بالقيام
بالمزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع بناء على أسس استقصائية وعلمية معترف
بها طبياً لإثبات أو نفي ما ورد في تلك الدراسات الأولية التي أوحت بانخفاض
عدد الحيوانات المنوية ودرجة الإخصاب عالمياً عند الرجال.
ففي دراسة دانمركية على 201 رجل لم يظهر أي فرق بالنسبة إلى عدد
الحيوانات بين عدة أقاليم بل لوحظ انخفاض في سرعة حركتها في الساحل الشرقي
من الدنمارك نتيجة التلوث بمادة الكلور العضوي في تلك المنطقة. وقد أبرزت
الأبحاث التي أجريت حول اختلاف جودة السائل المنوي في عدة مدن أوروبية شملت
كوبنهاجن في الدنمارك وباريس في فرنسا وادينبرغ في اسكتلاندا وتورك في
فينلندا أن أقل نسبة لعدد الحيوانات المنوية ظهرت عند الرجال الدنماركيين
يليهم الفرنسيون والاسكتلنديون فيما كان معدل النطاف المتحركة أعلى نسبة
لدى الاسكتلنديين يليهم الفنلنديون والدانماركيون، والفرنسيون، ولم يظهر أي
فرق بين جميع هؤلاء الرجال بالنسبة إلى شكل الحيوانات المنوية، وقد اختلف
عدد الحيوانات المنوية حسب المواسم مع تسجيل أعلى معدل في فصل الشتاء
واقلها في فصل الصيف، واوعز الدكتور جورغنسن (الباحث الرئيسي) وزملاؤه
اختلاف تلك النسب إلى مختلف العوامل البيئية ونمط حياة هؤلاء الرجال في تلك
الدول. وأما بالنسبة إلى الولايات المتحدة فقد نشر الدكتور جون وزملاؤه في
عام 2003م دراسة حول اختلاف جودة السائل المنوي حسب المواقع الجغرافية في
الولايات المتحدة عند الرجال المنجبين فوجدوا أن أقل نسبة لعدد حركة
الحيوانات المنوية ظهرت في مدينة كولومبيا في ولاية ميسوري مقارنة بولاية
نيويورك ومينيسوتا وكاليفورنيا بدون أي فرق بينها بالنسبة إلى حجم السائل
المنوي أو شكل النطاف الطبيعي مما يوحي بتدني جودة السائل المنوي وعدد
الحيوانات المنوية في المناطق الريفية والزراعية مقارنة بالمدن.
وفي اختبار قام به الدكتور ارفين وزملاؤه على 577 رجلاً في
استكتلندا توبعوا لمدة 11 سنة تبين أن عدد الحيوانات المنوية للرجال قد
انخفض من 98 مليون عند الذين ولدوا قبل سنة 1959م إلى 78 مليون للذين ولدوا
بعد سنة 1970 مما يؤكد انخفاض عدد النطاف في تلك الفترة من الزمن كما
أكدته دراسة صينية استمرت من سنة 1981م إلى 1996م على 9292 رجلاً اظهرت
هبوط معدل عدد الحيوانات المنوية من حوالي 103 ملايين في سنة 1983 إلى
حوالي 83 مليون في سنة 1996 مع تدني نسبة حركتها من حوالي 75٪ في سنة 1982
إلى حوالي 67٪ في سنة 1996م ونقص في عدد النطاف ذي الشكل الطبيعي من حوالي
85٪ إلى حوالي 77٪ ما بين سنة 1983 و1996. وقد قام الدكتور كايا مو وزملاؤه
في اليابان بمتابعة مئات الشباب اليابانيين لمدة 20 سنة في منطقة «سابورو»
في فترة زمنية تمتد من 1975و 1980 وخلال سنة 1998 ولم يجدوا نقصاً في عدد
النطاف خلال تلك الفترة مما خلق شكوكاً حول صدقية النظرية العالمية حول
انخفاض عدد النطاف والخصوبة. وفي بحث اسباني على 22,759 رجلا خصيبا وعقيما
توبعوا لمدة 36 سنة من عام 1960 إلى عام 1996 لم يظهر أي انخفاض في عدد
الحيوانات المنوية ونسبة العقم لديهم خلال تلك الفترة الزمنية.
ومن آخر الدراسات في هذا المجال ما أشرف عليه المعهد الفرنسي القومي
للصحة العامة، ونشرت نتائجها مؤخرا في مجلة الطب التناسلي البشري التي تصدر
من بريطانيا. وقادت نتائج هذه الدراسة العلمية الضخمة وغير المسبوقة إلى
المزيد من القلق على الصحة الإنجابية عند الرجل وقد توصلت إلى أن هناك
تراجعا واضحا وملحوظا فى الصحة الإنجابية للرجال على مستوى العالم، وفي هذه
الدراسة والتي قامت بين عامى 1989 و2005، وجد ان متوسط الحيوانات المنوية
لدى الذكور قد انخفض بمقدار الثلث لدى حوالي 26 ألف رجل، بما يزيد من مخاطر
العقم، كما انخفضت أيضا كمية الحيوانات المنوية السليمة (غيرالمشوهة)
بنسبة مماثلة.
وقد تزامن تراجع عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال في جميع أنحاء العالم
بارتفاع في نسبة سرطان الخصية والذي تضاعف خلال الثلاثين عاما الأخيرة،
وبعدد من الاضطرابات الجنسية الذكورية الأخرى مثل عدم نزول الخصيتين، والتي
تدل على نمط مقلق حسبما يقول العلماء.
وعلى الرغم أن ثمة دراسات عالمية تؤيد نظرية انخفاض عدد وحركة والشكل
الطبيعي للحيوانات المنوية وتدني نسبة الخصوبة عند الرجال عبر السنين
الماضية وتعزوها إلى التلوث البيئي ووجود بعض الهرمونات الأنثوية والكلور
بمعدل مرتفع في دم بعض الرجال الذي يشكون من قلة عدد الحيامن وتباطؤ
حركتها، إلا أن بعض الأبحاث من بعض الدول الاخرى دحضت تلك النظرية لا سيما
أنها لم تظهر أية نقص في عدد الحيوانات المنوية وحركتها أو أي هبوط في نسبة
الخصوبة والحمل في السنوات الماضية.
اخيرا الحقيقة الثابتة اليوم انه يوجد رجل من كل 5 رجال (بين سن 18 و25)
في اوروبا يعاني من ضعف في السائل المنوي كما ان معدلات هرمون الذكورة
(التيستوستيرون) وهو الهرمون الضروري لعملية الانطاف في تناقص مستمر، كما
ان معدل سرطان الخصية والعيوب الخلقية في الجهاز التناسلي في ازدياد مستمر
عند الرجل الغربي كما أشارت إليه الأبحاث المختصة.
أشارت العديد من الدراسات الى تدني كثافة وجودة السائل المنوي عند الرجال.