تزايدت اليوم الاحتجاجات المندلعة في مصر على نظام الرئيس مبارك، واتجه
المتظاهرون في ميدان التحرير نحو إحكام السيطرة على مراكز سيادية للدولة
وهي مقار الحكومة ومجلسي الشعب والشورى.
وأسفرت المعارك بين الشرطة والمتظاهرين التي تدور لليوم الثاني على التوالي
في "الخارجة" عاصمة الوادي الجديد عن مصرع خمسة قتلى.
واتخذ رئيس الوزراء الفريق أحمد شفيق مقر وزارته السابقة "الطيران المدني"
مكتبا يدير منه شؤون الحكومة، فيما تلقى أعضاء البرلمان بشعبتيه تنبيهات
بعدم الذهاب إلى مقري المجلسين خشية حصار المتظاهرين لهما.
التحرك إلى مبنى التلفزيون أحد المتظاهرين مصاب في ظهره
كما عبّر الثوار في ميدان
التحرير عن نيتهم يوم الجمعة القادم التظاهر أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون
في ماسبيرو المجاور للميدان، لكنهم قالوا إنهم لن يقتحموه.
وتتردد أيضا مطالبات بينهم عن التحرك للتظاهر أمام قصر العروبة في مصر
الجديدة حيث رئاسة الجمهورية ومقر إقامة الرئيس مبارك. وردد المتظاهرون أمس
الثلاثاء هتافا يقول "يوم الجمعة العصر هنجيب من جوه القصر". ووضع الجيش
متاريس بالقرب من القصر الرئاسي وحوله.
وطالب آلاف المحتجين أمام مجلس الشعب المصري اليوم الرئيس حسني مبارك
بالرحيل بعد يوم من وصولهم إلى هذا المكان الذي كانت قوات الجيش تمنع
الوصول إليه. وذكرت "رويترز" أن مئات المحتجين قضوا الليل على رصيفي شارع
مجلس الشعب وانضم إليهم في الصباح آلاف آخرون.
وقالت شاهدة عيان إن نحو ألف من المحتجين يتحركون في مسيرتين في الشارع
تحمل إحداهما علما لمصر طوله عدة أمتار بينما وقف نحو ألفي محتج في
مظاهرتين، إحداهما في أول الشارع من ناحية شارع قصر العيني المؤدي إلى
ميدان التحرير القريب وأخرى في أول تقاطع للشارع مع الشارع المتعامد عليه.
وأضافت أن المحتجين رفعوا لافتة على أحد أبواب المجلس كتبت عليها عبارة
"مغلق حتى إسقاط النظام".
اشتباكات عنيفة في الوادي الجديد أحد الشباب مصاب في رأسه
وفي محافظة الوادي الجديد
استمرت الاشتباكات لليوم الثاني على التوالي بين الشرطة والمتظاهرين والتي
أوقعت خمسة قتلى حتى الآن.
وكانت قد اندلعت مظاهرات حاشدة مطالبة بإسقاط نظام الرئيس مبارك، قام على
إثرها متظاهرون بمهاجمة رئيس مباحث قسم شرطة بمدينه الخارجة، حيث قامت قوات
الشرطة بإطلاق القذائف المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين رفضوا
الانصراف وردوا بالحجارة.
وبدأت الأحداث الأسبوع الماضي عندما احتج بعض شباب المحافظة على رئيس مباحث
قسم الخارجة بسبب ما قالوا إنه إساءة لمعاملتهم، وطالبوا برحيله وتجمهروا
أمام قسم شرطة الخارجة واستطاعت القيادات الشعبية إقناعهم بالانصراف بعد أن
وعدهم مدير الأمن اللواء عبدالله صقر بحل المشكلة.
وتجددت الأحداث أمس بعد قيام عدد من الشباب بحرق إطارات فى أكبر ميادين
الخارجة، وقام المتظاهرون بإحراق سيارة الشرطة التي كان يركبها والتي
انفجرت بعد ذلك، وتم استدعاء فرق الأمن المركزي التي قامت بتفريق
المتظاهرين بالقنابل المسيله للدموع.
وشهد ميدان البساتين بمدينة الخارجة أعمالا تخريبية من الطرفين، حيث قام
جنود الأمن المركزي بحرق سيارتين وتكسير بعض المحال، وانسحبت من الميدان
لحماية قسم الشرطة، حيث تحرك المتظاهرون تجاهه بهدف تدميره وإحراقه،
فتعاملت الشرطة معهم بالقنابل المسيله للدموع بهدف تفريقهم بالرصاص، مما
أسفر عن إصابة أكثر من 40 شخصا بإصابات متفرقة بينها 8 حالات إصابتها خطيرة
ما بين إصابات في العين وطلق نافذ بالصدر والبطن، وتم نقلهم لمستشفى أسيوط
الجامعي بالإضافة إلى عدد كبير من حالات الاختناق بالغاز.
وائل غنيم ووالدة خالد سعيد واكتسبت
الانتفاضة المصرية زخما جديدا مع ظهور الناشط وائل غنيم الذي استقبل
استقبال الأبطال في ميدان التحرير وشهدت البلاد أضخم تظاهرات منذ بدء
الاحتجاجات المطالبة بإسقاط الرئيس حسني مبارك قبل 15 يوما فيما حاول
النظام استيعاب الغضب المتصاعد معلنا تشكيل لجنة لتعديل الدستور.
وكان آلاف المتظاهرين احتشدوا أمس حول وائل غنيم بصحبة والدة خالد سعيد وهو
شاب مصري ضربته الشرطة في الإسكندرية حتى الموت في الطريق العام الصيف
الماضي ما أثار موجة عارمة من الغضب دفعت غنيم الى تأسيس صفحة "كلنا خالد
سعيد" على موقع الفيسبوك التي تضم أكثر من 650 ألف عضو.
وقال مصور فرانس برس وشهود إنه بمجرد أن رأى المتظاهرون وائل غنيم، الذي
كان أول من أطلق الدعوة الى تظاهرات 25 كانون الثاني/ يناير، أخذوا يصفقون
والدموع تنهمر من عيونهم ويهتفون "تحيا مصر تحيا مصر"، كما تعالت شعارات
"الشعب يريد إسقاط النظام"، "الشعب يريد إسقاط الرئيس".
وأفاد الشهود أن غنيم تحدث إلى المتظاهرين قائلا: "لست بطلاً، أنتم
الأبطال، أنتم الذين بقيتم هنا في الميدان". وأضاف "لازم تفضلوا مصر على
مطالبنا، علشان خاطر شهدائنا لازم نفضل مصرين على مطالبنا".
وقال غنيم في مؤتمر صحافي عقده في ميدان التحرير وتحدث خلاله بالإنكليزية
الى مراسلي وسائل الإعلام الدولية "الإخوان المسلمون لم ينظموا التظاهرات"
مؤكدا "إننا جميعا شباب الفيسبوك". وقال"أحب أن أسميها ثورة الفيسبوك ولكن
بعد أن رأيت الناس الآن فإنني أقول إنها ثورة الشعب المصري، إنه لشيء
مدهش".
انطلاق المظاهرات العمالية واعتصم عمال
بمصانع في كفر الدوار وكفر الزيات بمحافظة البحيرة القريبة من الإسكندرية،
وفي حلوان.
وخرج أمس واليوم آلاف المتظاهرين في الشركات العامة في السويس خاصة في قطاع
النقل والبترول.
وخرجت مظاهرة ضخمة لموظفي الشركات التابعة لوزارة البترول المصرية في
تظاهرة بلغ تعدادها 10 آلاف متظاهر للمطالبة بتثبيتهم في أعمالهم حيث
يعملون بعقود مؤقتة وبرواتب ضئيلة.
وفي نفس التوقيت خرج عمال وموظفو الشركة المصرية للاتصالات في مظاهرة منذ
أمس ما زالت مستمرة، حيث دخل الموظفون في اعتصام عام في ميدان العتبة
احتجاجا على أوضاعهم الاقتصادية ورواتبهم الضئيلة.
واحتشد بالقاهرة نحو 200 معلم تابعين لمشيخة الأزهر أمام مقر المشيخة
مطالبين بتعيينهم ورفع الأجور، وكذلك الآلاف من عمال شركة المصرية
للاتصالات والهيئة العامة للتأمين الصحي/ فرع القاهرة والعاملين بمستشفى
الهلال، والعاملين بجريدة الجمهورية بشارع رمسيس القريب من ميدان التحرير
مطالبين برفع الأجور وتثبيت المؤقتين، وقد أدى تزاحم المتظاهرين إلى غلق
شارع رمسيس وإيقاف حركة السيارات فيه.
وتظاهر فيه نحو 500 عامل تابعين للهيئة العامة للنظافة والتجميل بمحافظة
الجيزة، مطالبين برفع رواتبهم التي لا تتعدى مبلغ 150 جنيهاً شهرياً.
كما تظاهر في سياق متصل عمال شركتي بترول "بتروتريد وأنبي" والذين تجاوز
عددهم 2500 عامل بمقر شركاتهم اعتراضا على عدم تثبيتهم بوظائفهم، وقال
المتظاهرون إنهم يعملون بعقد مؤقت منذ 5 سنوات يجدد سنوياً ولا يحق لهم
الحصول على أي من مميزات الوظيفة.
وشهدت مقرات محافظتي القاهرة والجيزة حالة من الاستنفار الأمني من قبل رجال
الأمن، حيث تم فرض كردون أمني بعد أن تظاهر المئات من المواطنين حديثي
الزواج للمطالبة بالحصول على شقق سكنية.
ولم تقتصر تظاهرات العمال على القاهرة، ففي محافظة الإسماعيلية (شرق
القاهرة)، شهد المستشفى العام بالمحافظة حالة من الاستنفار والفوضى بسبب
تظاهر 700 طبيب وممرض وفرد أمن وموظف إداري أمام بوابة المستشفى.
وقال هشام قرقر موظف إداري بأن العاملين لم يحصلوا على رواتبهم منذ شهرين.
وفي محافظات المنيا وأسيوط والإسكندرية والمحلة الكبرى احتشد آلاف من
الشباب للمطالبة بمحاكمة الفاسدين وإتاحة فرصة عمل لخريجي الجامعات.
عمرو موسى: الإخوان المسلمون لا يقودون المظاهرات الرصاص الذي أطلقته الشرطة على المتظاهرين
من جهته أعلن الأمين العام
لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن تخوف الغرب من قيام دولة إسلامية في مصر
لا أساس له، مضيفا أن الانتفاضة الشعبية التي تشهدها بلاده لن يخف زخمها.
وقال في مقابلة نشرتها الأربعاء صحيفة "لوموند" الفرنسية إن "هذه المخاطر
لا أساس لها. أنا مدرك للمعضلة التي يواجهها الغرب فهي تثير مخاوفه الى حد
أن بعض المثقفين والسياسيين مستعدون للتضحية بالديمقراطية بحجة تخوفهم من
الدين"، إلا أن "تحليلهم خاطئ وهذه سياسة غير مجدية".
وتابع أن "الإخوان المسلمين لم يقودوا التظاهرات ولا يقومون بذلك اليوم.
إنهم يشاركون فيها فقط".
وأضاف أن "هذه الثورة هي قبل كل شيء ثورة الشباب والطبقة المتوسطة وإذا
نجحت فإن الرسالة التي ستوجهها الى الدول العربية وسائر العالم ستكون قوية
جدا لأنها ليست مرتبطة بالدين أو بأي مجموعة دينية. انظروا الى المتظاهرين:
من بينهم مسلمون ومسيحيون". وأشار إلى أن التجمعات اليومية "لا علاقة لها
بالأحزاب سواء كانت للإخوان المسلمين أو غيرها".
وأضاف موسى "هناك مثال آخر، عندما انسحبت قوات الأمن من الشوارع، لم تتعرض
الكنائس الواقعة في وسط المدينة وغيرها المحاط بالحراسة لأي هجوم. لم
تتعرض للرشق بالحجارة أو لأي كتابات. لم يقع أي حادث".
واعتبر أن حركة الاحتجاج لن تتراجع. وقال موسى ومكاتبه تطل على ميدان
التحرير "كل يوم تصل فئات جديدة من الناس لتطالب بالتغيير" في الميدان. ولم
يستبعد موسى الأسبوع الماضي الترشح للرئاسة خلال الانتخابات المقبلة
المفترض اجراؤها في سبتمبر/ أيلول المقبل.