انقسمت
مواقف الشارع الفلسطيني إزاء وثائق المفاوضات التي نشرتها الجزيرة بين
مصدق لها على خلفية عدم الثقة بالمفاوض الفلسطيني، وبين مشكك فيها ورافض
لها يصب جام غضبه على الجهة التي نشرتها.
ورغم تباين آراء محللين وسياسيين حول مدى صحة
الوثائق المنشورة، ومطالبة البعض بجهة محايدة للتدقيق فيها، اتفق الجميع
على لوم السلطة الفلسطينية لإطلاعها العرب على مضامين المفاوضات، وإخفائها
عن الشعب الفلسطيني صاحب الشأن.
وانعكاسا لحالة الانقسام القائمة بينهما منذ سنوات، سجلت حركتا التحرير الوطني الفلسطيني
(فتح) والمقاومة الإسلامية
(حماس) موقفين متناقضين بخصوص سجلات التفاوض المسربة حيث أكدت الأولى أن جميع
مواقفها معلنة، بينما اتهمت الأخيرة السلطة بالتورط في تنازلات.
|
خريشة: الوثائق المسربة تهز صورة المفاوض الفلسطيني (الجزيرة نت-أرشيف)
|
فتح وحماسففي بيان لها نشرته وكالة الأنباء والمعلومات
الفلسطينية (وفا) أكدت فتح أن "كل مواقف القيادة الفلسطينية معلنة، وأنه
لا أسرار فيما يتعلق بالحقوق الثابتة والمشروعة" للشعب الفلسطيني.
وجددت الحركة "تمسكها بالثوابت الفلسطينية"
مؤكدة أن "القوى الوطنية المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية على علم
بتفاصيل المفاوضات ومفاصلها الأساسية" كما هو الحال بالنسبة "للجامعة
العربية والقادة العرب المعنيين الذين اطلعوا أولا بأول على أحداث وتطورات
ومجريات المفاوضات".
أما حماس فاعتبرت على لسان المتحدث باسمها
سامي أبو زهري أن الوثائق السرية "خطيرة للغاية وتدل على تورط سلطة فتح في
محاولات تصفية القضية الفلسطينية" خاصة في ملفي القدس واللاجئين، وكذلك
التورط ضد المقاومة بالضفة وغزة، والتعاون مع الاحتلال في حصار غزة والتورط
في العدوان عليها أواخر عام 2008".
رأي ثالثمن جهته يرى النائب المستقل، والنائب الثاني
لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة أن "الفريق السياسي الفلسطيني
على علم بالوثائق تماما، لكن المشكلة أن الرأي العام الفلسطيني لم يكن يعلم
بها، وهو صاحب العلاقة والشأن بهذا الموضوع".
|
العويوي: فصائل منظمة التحرير تعيش حالة الصدمة (الجزيرة نت-أرشيف)
|
وأضاف
"كل ما قيل صحيح، وبالعكس ربما هناك وثائق فيها معلومات تبهر المواطن
وتصدمه بشكل أكبر، وتظهر أن قيادته التي تفاوض عنه غير مؤتمنة على مصالحه".
وحول التأثيرات المحتملة، رجح خريشة بأن تهز
الوثائق المسربة صورة المفاوض الفلسطيني المهزوزة أساسا، وتزيد من حالة عدم
الثقة به، لافتا إلى أن الردود الفلسطينية على نشر الوثائق اتسمت بأنها
"محاولة مستميتة للدفاع عن شخوصهم، وليس عن الموضوع الفلسطيني".
وفيما يتعلق بموقف فصائل منظمة التحرير، قال
إنها "تعيش حالة الصدمة والتبعية" مضيفا أنه "من الصعب على أي منهم أن يأخذ
موقفا -رغم معرفتهم بهذه الأمور- لأن لهم مصالح مرتبطة بالسلطة".
مصارحة الشعب أما أستاذ القضية الفلسطينية بجامعة القدس
المفتوحة أسعد العويوي فشدد على ضرورة مراجعة الوثائق المنشورة من قبل "جهة
مستقلة ومحايدة ومهنية تستطيع أن تدقق في الأمور ومدى صحتها".
وأضاف أن على القيادة الفلسطينية أن "تكون صريحة مع مجتمعها الفلسطيني، كما هي صريحة مع المجتمعات العربية".
وحذر العويوي من أن المجتمع الفلسطيني ليس
بحاجة إلى مزيد من الانقسام الأمر الذي يتطلب برأيه من جميع الجهات -التي
تريد الخير للشعب الفلسطيني- أن تعمل جاهدة لتوحيده، مؤكدا أنه "لو تمت
مصارحة الشعب بالحقائق أولا
بأول لما كنا نعيش حالة البلبلة والسؤال عن صحة الوثائق أو عدم صحتها".